
“اخرسوا” ، “ما تسمعونا صوتكم”، “العبوا قد ما بدكن بالساحات بس الجد (السياسة) لالنا” ،… إنها عينة من عبارات استصغارية ينطقها “سياسيون” في لبنان عندما يتحدثون عن الشعب الثائر على الفساد والقمع والذي يطالب بحقوقه وامواله المهدورة والمسروقة وكرامته والعدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات واستقلالية القضاء والاطائفية والسلام
قد عرف علم الاجتماع مصطلح الاستصغار باستهان الاخر واحتقاره – – الاخر غير حضاري ويفتقر إلى النضج ولا يمكن أن يتعلم؛ وما هو أخلاقي شأن خاص “بالمتمدّنين”، “أما أولئك المتوحّشون، المتعصّبون، المتخلّفون، المعادون للديموقراطية والثقافة، ينبغي إبادتهم، وتدجين من يبقى منهم، ولا بأس في أن يصبح هذا الباقي مجرد فولكلور ليس إلا، وفي أحسن الأحوال فرجة…”
وتظهر الابحاث في اللغة أن المتحدثين من موقع سلطة يميلون إلى استخدام الاستصغار بناءً على صور نمطية تقلل من قدرات الشعب. وقد استعمل المستعمرون الاستصغار للتحدث عن المستعمرين ولمخاطبتهم. كيف يمكننا أن ننسى تصوير الأشخاص المستعمرين على أنهم “أطفال” وقدراتهم الفكرية “مختلفة بطبيعتها” أو “محدودة”؟ كيف يمكننا أن ننسى هذه الحيلة الإيديولوجية المستخدمة لإضفاء الشرعية على الرقابة المحلية؟ لقد رأت السلطات الاستعمارية نفسها (والسلطات المتتالية منذ الاستقلال) حماة للأفراد “الغير القادرين على ممارسة الحكم وفي حاجة إلى التوجيه”
كفى استصغار! كفى استعلاء وتضخم النرجسية ونهج “انا الأصلح”! كفى إجحاف للفكر والجهد البشري المشترك ونسيان اننا نرتقي مركبا واحدا قد يغرقنا جميعا في حالة إهمال التعاون فيما بيننا